2-مازلنا سعداء "تابع"
تزوجت سلوى من عادل
وتزوجت خالتها علية من سمير
وتخرج أحمدوافتتح معملاً للتحاليل
أما محمد فكان يهوى الموسيقى وهاهو
يدرس في معهد الكونسيرفتوار
أما سامية وعاصم فالحياة تمر بهما هادئة
لايعكر صفوها شيء..
وما أسعدهما وهما ينتظران طفل سلوى بفارغ الصبر
فهي مازالت في الشهر السابع وبالطبع قلت حركتها عن ذي قبل
فلم تعد تمر على والديها إلا لماماً..
وهاهو أحمد يلمح لخطبة زميلته "سماح"بعد أن ربطت
بينهما الزمالة وغلفت علاقتهما بوشائج من الحب
واستعد والده لهذا الإرتباط بما يستطيع من مساهمة
له ليكمل ارتباطه بما يليق به وكما ساهم في زواج
سلوى لم يتوان َعن مساعدة أحمدولم ينس في زحمة
الفرحة أن يدخر ما يساهم به في زواج ابنه الأصغر محمد..
وكان زواج أحمد في ليلة تحاكى بها جميع الحضور ..
وكيف لا والعريس هو الإبن البكري لوالديه وسماح هي الإبنة البكرية لوالديها..
وأصبح المنزل خالياً الا من الأب والأم والإبن الأصغر محمد ..
وانجبت سلوى ابنها البكري زياد ..وبالتالي اعطت لوالديها عن جدارة لقب جدو وتيتا
وكانا ينتظران ايام العطلة الأسبوعية بلهفة في انتظار الصغير ..وبقدر ماكانت كلمة
جدو تسعد جدو عاصم أحياناً ..بقدر ما كانت تعذبه أحياناً أخرى ..
وبدأت الشعيرات البيضاء تغزو مفرقه ..
وبالطبع كانت تغزو مفرق سامية هي الأخرى ولكن سامية لم يكن يهمها
هذا فهي تعيش عمرها مع حفيدها وتدرك ان كل انسان له مراحل وكل
مرحلة لها جمالها الخاص..بل صنعت لنفسها عالماً آخر ..تصنع وجبات من التي يحبها زياد ..
تصنع له قفازاً أو جورباً..
تشتري له لعبة وتذهب لتمضي اليوم معه..
ولم تلاحظ وهي في خضم هذه الإهتمامات بحفيدها انها قد تباعدت
رويداً رويداً عن زوجها وابنها محمد ..
فهي قد تمضي اليوم مع سلوى وتتصل تليفونيا :عاصم ..
لديكم أنت ومحمد طعام في الثلاجة من أمس يمكنكم تسخينه ..
وتناست مع الأيام ألذ كوب شاي كان يستطعمه عاصم من يديها
وكان محمد ينشغل أحياناً طوال النهار في معهده أو مع اصدقائه..
ولم يجد عاصم بمرور الأيام من يشاركه الرأي حتى فيما يقرأه من صحف ..
وفي عيد ميلاده أهداه اولاده مجتمعين "لاب توب "قائلين له :وجدنا هذه انسب هدية لك
فهو يغنيك عن كل ماتقرأه أو تسمعه في وسائل الإعلام ..
وفي أول استخدامه لم يكن يروق له ..لكن مع تكرار تغيب زوجته وجد نفسه لايستغنى
عنه حتى وهي في المنزل لم يعد يحس بوجودها من عدمه ..
وفي إحدى جلساته وجد نفسه في موقع من مواقع الدردشة ..ووجد معه انسانة تبحث
عن صديق ...ولم لا فلنجرب ..ومع مرور الأيام
اصبحت الدردشة هي متنفسه الوحيد وتطورت الأمور اسرع مما كان يتصور واصبح
ينظر لنفسه كثيراً في المرآة ..
ماذا ينقصني لكي تتباعد عني سامية لهذه الدرجة ؟؟
اهي تلك الشعيرات البيضاء التي بدأت في الظهور ..
بسيطة ..الصبغة تملأ المحلات ..
أهي موديلات قمصاني وبدلي التي لم تعد مسايرة للموضة ؟؟
بسيطة أنا لم يعد أمامي أي اهتمامات ومحمد قد أمنت له مستقبله ..
وبالفعل ذهب إلى ارقى محلات الثياب واشترى اطقم كاملة ..
ثم جلس مع نفسه متسائلاً ..والآن لم يعد أمامي سوى موعد ..نعم موعد
مع هذه التي تنتظرني على أحر من الجمر ..إذن في موعد دردشتنا اليوم
فلأعطها موعداً ولأذهب ولأجدد شبابي ..ولم يلاحظ وهو في قمة نشوته
وتغييره لنمط حياته أن زوجته المخلصة تتابعه عن كثب....وهي تلاحظ منذ زمن
تلك التغيرات التي تلاحظها أي زوجة على زوجها بترمومترها الخاص ..والذي
حذرها من هذه التغيرات ابنها محمد لأنه لاحظ ما يعيشه والده من ساعات أمام
الكمبيوتر ..ولاحظ اضطرابه عندما يدخل عليه في أي وقت ..وكم سمعت من
صديقاتها عن المراهقة الثانية التي تأتي لمن هم في سنه وخاصة بعد زواج الأبناء
وظهور الأحفاد ..ومايعنيه الشعر الأبيض لهم ..وفي عصر ذلك اليوم وجد أمامه في
بهو المنزل زوجته وهي في قمة اناقتها ..وهي تقدم له تذكرتين في حفل الساعة
السادسة في أعرق دور السينما..ومدت اليه يدها وهما على مدخل السينما
وهي تقول في حنان : هل تذكر أول فيلم حضرناه سويا ؟؟؟تبسم قائلاً:وهل انسى
"صوت الموسيقى "
وبعد أن خرجا من السينما لم ينسا أن يتجولا في شوارع وسط البلد
وهو يمسك يدها معاتباً إياها عن اهمالها له طيلة الشهور الفائتة
وهي تحتضن يده مؤكدة انها لم يشغلها عنه سوى حفيده....
ولكنها أبداً لم تهمله..وكيف تهمل من اعطاها عمره ثم همست في أذنه :
أقولك على سر ؟؟قال في لهفة :قولي سريعاً..
قالت له علمت اليوم فقط أن سماح زوجة أحمد حامل
أي انك ستصبح جداً للمرة الثانية...
فماذا انت فاعل ؟؟وعلى الفور كان جوابه متى انتِ
جاهزة لنسافر لقضاء عدة أيام في المصيف لنغير جو ؟؟
ومن ساعتها لم يعد يصبغ شعره ..